نام کتاب : تفسير التستري نویسنده : التستري، سهل جلد : 1 صفحه : 75
التي قبلكم، فإذا أصبحتم فلا تحدثوا أنفسكم بالمساء، وإذا أمسيتم فلا تحدثوا أنفسكم بالصباح، لأن الأحداث قد كثرت، والخطر عظيم، فاتقوا الله، وألزموا أنفسكم التوبة.
[سورة التوبة (9) : آية 122]
وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122)
قوله تعالى: فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ [122] قال:
ليتعلموا ما يحتاج إليه في أمر الدين. وقد حكي عن الحسن البصري أنه قال: الفقيه الزاهد في الدنيا، الراغب في الآخرة، البصير في أمر دينه. وسئل سهل عن معنى قوله صلّى الله عليه وسلّم: «طلب العلم فريضة على كل مسلم» [1] ، فقال: يعني علم الحال [2] . قيل: وما علم الحال؟ قال: من الباطن الإخلاص، ومن الظاهر الاقتداء، فمن لم يكن ظاهره إمام باطنه، وباطنه كمال ظاهره فهو في تعب من البدن. قيل: وما تفسير ذلك؟ قال: إن الله قائم عليك في سرك وعلانيتك وحركاتك وسكونك لا تغيب عنه طرفة عين، كما قال: أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ [الرعد: 33] . وقال: مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ [المجادلة: 7] الآية، وقال:
وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [ق: 16] وهو العرق الذي في جوف القلب، فأخبر أنه أقرب إلى القلب من ذلك العرق. فإذا علمت ذلك، ينبغي أن تستحي منه، وما هاج في القلب شيء مما تهوى النفس. فذكر العبد قيام الله عزَّ وجلَّ عليه، فتركه إلاَّ دخل قلبه من علم حاله ما لو قسم ما أعطى ذلك العبد على أهل المدينة لسعدوا جميعاً وفازوا به، وقد أشار إليه مالك بن أنس [3] رضي الله عنهما حيث قال: ليس العلم بكثرة الرواية، إنما العلم نور يجعله الله في القلب [4] .
قيل له: كيف يعرف الرجل الحال والعلم به؟ فقال: إذا كنت تتكلم فحالك الكلام، وإذا سكت فحالك السكوت، وإذا قمت فحالك القيام، وإذا قعدت فحالك القعود، والعلم به أن تنظر أن هذا الحال لله أو لغيره، فإن كانت لله استقررت عليها، وإن كانت لغيره تركتها، وهو المحاسبة التي أمر بها عمر رضي الله عنه حيث قال: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا [5] . وقد كان عمر رضي الله عنه يضرب نفسه بالدرة في المحاسبة. [1] كشف الخفاء 1/ 71، 2/ 56، والمعجم الأوسط 2/ 289، 6/ 96، والمعجم الصغير 1/ 36، 58، وشرح سنن ابن ماجة 1/ 20، وبعد الحديث قال: (قال النووي: إنه ضعيف، وإن كان صحيحا) . [2] قوت القلوب 1/ 324. [3] مالك بن أنس بن مالك الأصبحي الحميري (93- 179 هـ) : إمام دار الهجرة، وأحد الأئمة الأربعة، وإليه تنسب المالكية. من أشهر كتبه الموطأ. (الأعلام 5/ 257) . [4] صفوة الصفوة 2/ 179، وسير أعلام النبلاء 13/ 323 والشطر الأول من القول نسب إلى إبراهيم الخواص في شعب الإيمان 2/ 249، وبعده: (إنما العالم من اتبع العلم واستعمله) ، كما نسب الشطر الأول من القول إلى عبد الله في الحلية 1/ 131، وبعده: (ولكن العلم الخشية) . [5] سنن الترمذي 4/ 638 (رقم 2459) وكتاب الزهد لابن مبارك ص 10 وصفوة الصفوة 1/ 286 ومصنف ابن أبي شيبة 7/ 96، رقم 34459. وسيعاد قوله في تفسير الآية 14 من سورة الإسراء.
نام کتاب : تفسير التستري نویسنده : التستري، سهل جلد : 1 صفحه : 75